...
-10- الرسالة السادسة والأربعون: ومنها رسالة أرسلها إلى عبد الله بن عيسى، مطوع الدرعية، قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب، إلى عبد الله بن عيسى، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فقد قال ابن القيم في إعلام الموقعين 1: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} 2، فقسم الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما: إما الاستجابة للرسول، وإما اتباع الهوى ... وذكر كلاماً في تقرير ذلك - إلى أن قال - ثم أخبر سبحانه أن من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول، فقد حكّم الطاغوتن وتحاكم إليه، يعني: الآيات في النساء: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} 3، قال: والطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حده، من معبود أو متبوع أو مطاع؛ فطاغوت كل قوم: من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله. فهذه طواغيت العالم، إذا تأملتها، وتأملت أحوال الناس معها، رأيت أكثرهم ممن أعرض عن طاعة الله ومتابعة رسوله، إلى طاعة الطاغوت ومتابعته. وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين من هذه الأمة، وهم الصحابة ومن تبعهم، قال الله: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} 4، والزبر: الكتب، أي: كل فرقة