هذا من متأخري الشافعية: البيهقي، والبغوي، وإسماعيل التيمي، ومن بعدهم كالحافظ الذهبي، وأما متقدموهم كابن سريج والدارقطني وغيرهما فكلهم على هذا الأمر. ففتش في كتب هؤلاء، فإن أتيتني بكلمة واحدة أن منهم رجلاً واحداً لم ينكر على المتكلمين، ولم يكفّرهم، فلا تقبل مني شيئاً أبداً. ومع هذا كله وظهوره غاية الظهور، راج عليكم حتى ادعيتم أن أهل السنة هم المتكلمون؛ والله المستعان.

ومن العجب أنه يوجد في بلدكم من يفتي الرجل بقول إمام، والثاني بقول آخر، والثالث بخلاف القولين، ويعد فضيلة وعلماً وذكاء، ويقال: هذا يفتي في مذهبين أو أكثر؛ ومعلوم عند الناس أن مراده في هذا: العلو والرياء، وأكل أموال الناس بالباطل. فإذا خالفتُ قول عالم لمن هو أعلم منه أو مثله إذا كان معه الدليل، ولم آت بشيء من عند نفسي، تكلمتم بهذا الكلام الشديد. فإن سمعتم أني أفتيت بشيء خرجت فيه من إجماع أهل العلم، توجه على القول. وقد بلغني أنكم في هذا الأمر قمتم وقعدتم، فإن كنتم تزعمون أن هذا إنكار للمنكر، فيا ليت قيامكم كان في عظائم في بلدكم تضاد أصلي الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله! منها، وهو أعظمها: عبادة الأصنام عندكم من بشر وحجر، هذا يذبح له، وهذا ينذر له، وهذا يطلب إجابة الدعوات وإغاثة اللهفات، وهذا يدعوه المضطر في البر والبحر، وهذا يزعمون أن من التجأ إليه ينفعه في الدنيا والآخرة ولو عصى الله. فإن كنتم تزعمون أن هذا ليس هو عبادة الأصنام والأوثان المذكورة في القرآن، فهذا من العجب؛ فإني لا أعلم أحداً من أهل العلم يختلف في ذلك، اللهم إلا أن يكون أحد وقع فيما وقع فيه اليهود من إيمانهم بالجبت والطاغوت. وإن ادعيتم أنكم لا تقدرون على ذلك، فإن لم تقدروا على الكل قدرتم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015