والحافظ ابن رجب، قد اشتد نكيرهم على أهل عصرهم الذين هم خير من ابن حجر وصاحب الإقناع بالإجماع؛ فإذا استدل عليهم أهل زمانهم بكثرتهم وإطباق الناس على طريقتهم، قالوا: هذا من أكبر الأدلة على أنه باطل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن أمته تسلك مسالك اليهود والنصارى حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. وقد ذكر الله في كتابه أنهم فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، وأنهم كتبوا الكتاب بأيديهم وقالوا 1: هذا من عند الله، وأنهم تركوا كتاب الله والعمل به، وأقبلوا على ما أحدثه أسلافهم من الكتب. وأخبر أنه وصاهم بالاجتماع، وأنهم لم يختلفوا لخفاء الدين 2، بل اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم، فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون، 3، والزبر الكتب.

فإذا فهم المؤمن قول الصادق المصدوق: " لتتبعنّ سنن من كان قبلكم " 4، وجعله قبلة قلبه، تبين له أن هذه الآيات وأشباهها ليست على ما ظن الجاهلون أنها كانت في قوم كانوا فبانوا، بل يفهم ما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال في هذه الآيات: " مضى القوم وما يعني به غيركم ". وقد فرض الله على عباده في كل صلاة أن يسألوه الهداية إلى صراط 5 المسقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، الذين هم 6 غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

فمن عرف دين الإسلام، وما وقع الناس فيه من التغيير له، عرف مقدار هذا الدعاء وحكمة الله فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015