لامه بحروفه. فانظر كلامه لمن ذبح لغير الله، وسمى الله عليه عند الذبح، أنه مرتد تحرم ذبيحته، ولو ذبحها للأكل؛ لكن هذه الذبيحة تحرم من جهتين: من جهة أنها مما أُهل به لغير الله، وتحرم أيضاً لأنها ذبيحة مرتد، يوضح ذلك ما ذكرته أن المنافقين إذا أظهروا نفاقهم صاروا مرتدين. فأين هذا من نسبتك عنه أنه لا يكفر أحد بعينه؟
وقال أيضاً في أثناء كلامه على المتكلمين ومن شاكلهم، لما ذكر عن أئمتهم شيئاً من أنواع الردة والكفر، وقال، رحمه الله: وهذا إذا كان في المقالات الخفية، فقد يقال: إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم المشركون واليهود والنصارى أن محمداً صلى الله عليه وسلم بُعث بها وكفّر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه من النبيين والملائكة وغيرهم، فإن هذا أظهر شرائع الإسلام، ثم تجد كثيراً من رؤوسهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين. وكثير منهم تارة يرتد عن الإسلام ردة صريحة، وتارة يعود إليه مع مرض في قلبه ونفاق؛ والحكاية عنهم في ذلك مشهورة.
وقد ذكر ابن قتيبة من ذلك طرفاً في أول مختلف الحديث، وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف في الردة، كما صنف الفخر الرازي في عبادة الكواكب، وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين. هذا لفظه بحروفه. فانظر كلامه في التفرقة بين المقالات الخفية، وبين ما نحن فيه في كفر المعين، وتأمل تكفيره رؤوسهم فلاناً وفلاناً بأعيانهم وردّتهم ردة صريحة. وتأمل تصريحه بحكاية الإجماع على ردة الفخر الرازي عن الإسلام، مع كونه عند علمائكم من الأئمة الأربعة، هل يناسب هذا لما فهمت من كلامه أن