لقد طلبت العلم، واعتقدَ من عرفني أن لي معرفة، وأنا ذلك الوقت لا أعرف معنى "لا إله إلا الله"، ولا أعرف دين الإسلام قبل هذا الخير الذي مَنَّ الله به، وكذلك مشايخي، ما منهم رجل عرف ذلك. فمن زعم من علماء العارض أنه عرف معنى "لا اله إلا الله"، أو عرف معنى الإسلام قبل هذا الوقت، أو زعم عن مشايخه أن أحداً عرف ذلك 1، فقد كذب وافترى، ولبس على الناس، ومدح نفسه بما ليس فيه. وشاهد هذا أن عبد الله بن عيسى ما نعرف في علماء نجد ولا علماء العارض ولا غيره أجلّ منه، وهذا كلامه واصل إليكم إن شاء الله.
فاتقوا الله عباد الله، ولا تكبروا على ربكم، ولا نبيكم. واحمدوه سبحانه الذي منّ عليكم ويسر لكم من يعرّفكم بدين نبيكم صلى الله عليه وسلم. ولا تكونوا من الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار؛ جهنم يصلونها وبئس القرار. إذا عرفتم ذلك، فاعلموا أن قول الرجل: لا إله إلا الله: نفي وإثبات، إثبات الألوهية كلها لله وحده، ونفيها عن الأنبياء والصالحين وغيرهم. وليس معنى الألوهية أنه لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر ولا يحيي ولا يميت إلا الله؛ فإن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرون بهذا، كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} 2. فتفكروا عباد الله فيما ذكر الله عن الكفار، أنهم مقرون بهذا كله لله وحده لا شريك له، وإنما كان شركهم أنهم يدعون الأنبياء والصالحين، ويندبونهم وينذرون لهم، ويتوكلون