...
-2- الرسالة الرابعة والعشرون: ومنها رسالة أرسلها إلى عبد الرحمن بن ربيعة، مطوع أهل ثادق، وهي هذه:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من محمد بن عبد الوهاب، إلى عبد الرحمن بن ربيعة، سلَّمه الله تعالى.
وبعد، فقد وصل كتابك، تسأل عن مسائل كثيرة، وتذكر أن مرادك اتباع الحق؛ منها مسألة التوحيد. ولا يخفاك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: " إن أول ما تدعوهم إليه: أن يوحدوا الله. فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات " 1 ... إلخ. فإذا كان الرجل لا يدعى إلى الصلوات الخمس إلا بعد ما يعرف التوحيد وينقاد له، فكيف بمسائل جزئية اختلف فيها العلماء.
فاعلم: أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم: إفراد الله بالعبادة كلها، ليس فيها حق لملك مقرب ولا نبي مرسل فضلاً عن غيرهم. فمن ذلك لا يُدعى إلا إياه، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 2؛ فمن عبد الله ليلاً ونهاراً، ثم دعا نبياً أو ولياً عند قبره، فقد اتخذ إلهين اثنين، ولم يشهد أن لا إله إلا الله، لأن الإله هو المدعو، كما يفعل المشركون اليوم عند قبر الزبير أو عبد القادر أو غيرهم، وكما يفعل قبل هذا عند قبر زيد وغيره. ومن ذبح لله ألف ضحية، ثم ذبح لنبي 3 أو غيره فقد جعل إلهين