فإن العلم بهذه الأصول الكبار يتفاضل فيه الأنبياء فضلاً عن غيرهم، ولما نهى نوح بنيه عن الشرك أمرهم بلا إله إلا الله؛ فليس هذا تكراراً، بل هذان أصلان مستقلان كبيران، وإن كانا متلازمين. فالنهي عن الشرك يستلزم الكفر بالطاغوت، ولا إله إلا الله الإيمان بالله، وهذا وإن كان متلازماً فيوضحه لكم الواقع، وهو أن كثيراً من الناس يقول: لا أعبد إلا الله، وأنا أشهد بكذا، وأقر بكذا، ويكثر الكلام، فإذا قيل له: ما تقول في فلان وفلان إذا عَبَدا أو عُبِدا من دون الله، قال: ما عليَّ من الناس، الله أعلم بحالهم، ويظن بباطنه أن ذلك لا يجب عليه.

فمن أحسن الاقتران: أن الله قرن بين الإيمان به والكفر بالطاغوت؛ فبدأ بالكفر به على الإيمان بالله، وقرن الأنبياء بين الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، مع أن في الوصية بلا إله إلا الله ملازمة الذكر بهذه اللفظة والإكثار منها. ويتبين عظم قدرها، كما بيَّن صلى الله عليه وسلم فضل سورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 1 على غيرها من السور، ذكر أنها تعدل ثلث القرآن مع قصرها. وكذلك حديث موسى عليه السلام، فإن في ذكره ما يقتضي كثرة الذكر بهذه الكلمة، كما في الحديث: " أفضل الذكر: لا إله إلا الله " 2. والسلام 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015