إنّك ستمنى بصحبة السّلطان الحازم العادل، وبصحبة السّلطان الأخرق الجهول الغشوم. فالحازم العادل يسوسه لك الأدب والنّصح، والأخرق تسوسه لك الحيلة والرّفق. العادل يعضدك منه ثلاث، وتصبر نفسه لك على ثلاث:
فاللواتي يعضدنك: تسليط العدل وإنفاذ الحكومة- وفي ذلك صلاح الرعيّة- وإثابة المحسنين الذين إثابتهم تحصين البيضة والسّبل، والعفو ما بلغ به الإستصلاح، واكتفي به من البسط. واللّواتي تصبر نفسه لك عليهن: الهوى إلى ما وافق الرأي، وأمضى الرأي الا بعد التثبت حتّى تعاونه عليه النّصحاء.
ولكنّي أوصيك برياضة نفسك حتّى تذلّلها على الأمور المحمودة؛ فإنّ كلّ أمر ممدوح هو ممّا تستثقل النّفوس. [وممّا تسرّ به وتنقلب إليه الأخلاق المذمومة] . فإن أهملتها وإيّاها غلبت عليك، لأنها فيها طبيعة [مركبّة] ، وجبلّة مفطورة.
فلتكن المساهلة في أخلاقك أغلب عليك من المعاسرة، والحلم أولى بك من العجلة، والصّبر الحاكم عليك دون الجزع، والعفو أسبق إليك من المجازاة بالذّنوب، والمكافأة بالسّوء.
[وكذلك سائر الأخلاق المحمودة والمذمومة، فلتكن محموداتها غالبة على أفعالك، محكّمة في أمورك] . فإنّك إن ضبطت [ذلك، وقومت عليه] نفسك، عشت رخيّ البال، قليل الهموم، كثير الصديق قليل العدوّ، [سليم الدين، نقيّ العرض، محمود الفعال] ، جميل الأحدوثة في حياتك وبعد وفاتك، وكنت بموضع الرجاء أن يصل الله لك السلّامة الآجلة بالنّعمة العاجلة [إن شاء الله عزّ وجلّ] .
أسأل الله المبتدىء بكلّ نعمة، والمتولّي لكلّ إحسان، أن يصلّي على محمد خيرته من خلقه، وصفوته من بريّته، وأن يتمّ عليك نعمته، ويشفع لك ما