وقد عرض الجاحظ صورة عن هذا الصراع في رسالة فضل هاشم على عبد شمس.
والمسألة الخامسة هي الشعوبية. ويبدو أنها استفحلت في عصر الجاحظ فحاول أن يكبح جماحها فخصص لها رسالة مناقب الترك، ورسالة فخر السودان على البيضان. كما تطرق اليها في كتاب البيان والتبيين. ونجد في هذه الكتب عرضا مفصلا لدعاوى الشعوب الاعجمية في تفوقهم على العرب والاشادة بماضيهم وخصالهم وافعالهم.
والمسألة السادسة والاخيرة تعتبر ملحقة بالسياسة لانها تدور حول عمل الموظفين الذين يساعدون الخليفة في ادارة الدولة وهم الحجاب والكتاب. ولا نجد للجاحظ آراء اصيلة حول هذه المسألة.
لم نحقق الرسائل السياسية، اذ سبقنا الى أداء هذا العمل العديد من الباحثين (انظر كتابنا كشاف آثار الجاحظ، الذي يتحدث على الطبعات المختلفة واصولها) . ولكننا قمنا بكتابة مقدمات لها تحللها وتلقي الضوء على فكر الجاحظ المتشعب المرامي والانحاء. كما وضعنا عناوين لفقرها تسهل القاء نظرة شاملة عليها وتبرز مطالبها، وشرحنا افكار الجاحظ وعلقنا عليها وربطناها فيما بينها، وغايتنا هي اماطة اللثام عن الجاحظ المتفلسف والمتكلم المتبحر، وهي الناحية التي اهملها الباحثون المحدثون.
وقد اعتمدنا في رسائل المعاش والمعاد، والاوطان والبلدان، ومناقب الترك، وفخر السودان على البيضان، والحجاب، وذم اخلاق الكتاب، على طبعة عبد السلام هارون الصادرة في القاهرة عن مكتبة الخانجي سنة 1964 و 1979 م، في اربعة اجزاء، بعنوان «رسائل الجاحظ» ، وقد اعتمد بدوره على مخطوطة مكتبة داماد ابراهيم بتركيا، رقم 949، وعلى مخطوطة المتحف البريطاني رقم 1129، وعلى مخطوطة المكتبة التيمورية المودعة بدار الكتب المصرية رقم 19.
وفي رسالة العثمانية اعتمدنا على طبعة عبد السلام هارون الصادرة في