وحدّثني عبد الله بن أبي مروان الفارسيّ قال:

ركبت مع ثمامة بن أشرس إلى أبي عبّاد الكاتب، في حوائج كتب إليّ فيها أهل إرمينيّة من المعتزلة والشيعة، فأتيناه فأعظم ثمامة وأقعده في صدر المجلس وجلس قبالته، وعنده جماعة من الوجوه، فتحدّثنا ساعة ثم كلّمه ثمامة في حاجتي، وأخرجت كتب القوم فقرأها، وقد كانوا كتبوا إلى أبي عبّاد كتبا، وكانوا أصدقاءه أيّام كونه بإرمينية، فقال لي: بكّر إليّ غدا حتّى أكتب جواباتها إن شاء الله. فقلت: جعلني الله فداك، تأمر الحاجب إذا جئت أن يأذن لي. فغضب من قولي واستشاط وقال: ومتى حجبت أنا، أولي حاجب، أو لأحد عليّ حجاب!.

قال عبد الله: وقد كنت أتيته فحجبني بعض غلمانه، فحلف بالأيمان المغلّظة أن يقلع عيني من حجبني، ثم قال: يا غلام، لا يبق في الدار غلام ولا منقطع إلينا إلّا أحضرتمونيه الساعة! قال: فأتى بغلمانه وهم نحو من ثلاثمائة، فقال: أشر إلى من شئت فيهم. فغمزني ثمامة فقلت: جعلت فداك لا أعرف الغلام بعينه. فقال: ما كان لي حاجب قطّ، ولا احتجبت، وذلك لأنّه سبق منّي قول، لأنّي كنت وأنا بالريّ وقد مات أبي وخلّف لي بها ضياعا فاحتجب إلى ملاقاة الرجال والسّلطان فيما كان لنا، فكنت أنظر إلى الناس يدخلون ويصلون وأحجب أنا وأقصى، فتتقاصر إليّ نفسي، ويضيق صدري، فآليت على نفسي إن صرت إلى أمر من السّلطان ألّا أحتجب أبدا.

وحدّثني الزّبير بن بكّار قال:

استأذن نافع بن جبير بن مطعم على معاوية، فمنعه الحاجب فدقّ أنفه، فغضب معاوية وكان جبير عنده، فقال معاوية: يا نفاع، أتفعل هذا بحاجبي؟ قال: وما يمنعني منه وقد أساء أدبه وأسأت اختياره؟! ثم أنا بالمكان الذي أنا به منك. فقال جبير: فضّ الله فاك، ألا تقول: وأنا بالمكان الذي أنا به من عبد مناف؟! قال: فتبسّم معاوية وأعرض عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015