وقد جمعت في كتابي هذا ما جاء في الحجاب من خبر وشعر، ومعاتبة وعذر، وتصريح وتعريض، وفيه ما كفى. وبالله التوفيق:
وقد قلت:
كفى أدبا لنفسك ما تراه ... لغيرك شائنا بين الأنام
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاث من كنّ فيه من الولاة اضطلع بأمانته وأمره: إذا عدل في حكمه، ولم يحتجب دون غيره، وأقام كتاب الله في القريب والبعيد» .
وروي عنه عليه السلام أنّه وجّه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلى بعض الوجوه، فقال له فيما أوصاه به: «إنّي قد بعثتك وأنا بك ضنين فابرز للناس، وقدّم الوضيع على الشّريف، والضّعيف على القويّ، والنّساء قبل الرجال، ولا تدخلنّ أحدا يغلبك على أمرك، وشاور القرآن فإنّه إمامك» .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا استعمل عاملا شرط عليه أربعا: لا يركب برذونا، ولا يتّخذ حاجبا، ولا يلبس كتّانا، ولا يأكل درمكا.
ويوصي عمّاله فيقول: إيّاكم والحجاب، وأظهروا أمركم بالبراز، وخذوا الذي لكم وأعطوا الذي عليكم، فإنّ امرأ ظلم حقّه مضطرّ حتى يغدو به مع الغادين.
وكتب عمر رضوان الله عليه إلى معاوية وهو عامله على الشام:
«أمّا بعد فإنّي لم آلك في كتابي إليك ونفسي خيرا. إيّاك والاحتجاب دون الناس، وأذن للضعيف وأدنه حتى ينبسط لسانه، ويجترىء قلبه، وتعهّد الغريب فإنّه إذا طال حبسه وضاق إذنه ترك حقّه، وضعف قلبه، وإنما أثوى