سنبوقة في كلّ سنبوقة ألف رجل على أن [لا] يجلدوهم ولا يقاتلوهم، ولكن يأمرهم أن يقيموا أبدا فيهم حتّى يتّقوهم بالخراج، فيكون ما يأكلون ويشربون ويغذون ويلبسون، أضرّ عليهم من مقدار الخراج المرار الكثيرة.
فإن اتّقوهم بالخراج وإلّا أرسل إليهم ألف سنبوقة أخرى، فلا يجد ذلك الملك بدّا من أن يتّقيه بكلّ ما طلب، ولا يأمن أن يغضب فيأتي عليه وعلى أهل مملكته.
قالوا: ولقد نزل ملك الزابج على خليج مرّة والخليج فراسخ في فراسخ، فبينا هو على مائدته وفي سرادقه على شاطىء الخليج، إذ سمع صارخة فقال: ما هذا؟ وقطع الأكل. قالوا: امرأة سقط ابنها في هذا الخليج فأكله التمساح. قال: وفي مكان أنا فيه شيء يشاركني في قتل النّاس! ثم وثب فإذا هو في الخليج. فلما [رآه] الناس سقطوا عن آخرهم، فخضخضوه وهو فراسخ في فراسخ، حتّى أخذوا كلّ تمساح فيه أخذ يد.
فيقال: إنّ أهل الزابج وأغبابها أكثر من شطر أهل الأرض.
قالوا: وآخر العمران كلّه سودان، وما استدار من أقاصي العمران أكثر من أهل الواسطة، كطوق الرّحى الذي يلي الهواء، الذي هو أوسع وأكثر ذرعا مما قصر عنه من فلك الرّحى ولنعتبر ذلك بالجناح المطيف، لا يرى أحد ذرعه مع قلّة عرضه، ونجده أكثر ذرعا من نفس الدار.
وليس خلف الزابج بيضان، وكذلك جميع بلاد السودان السّاكنة في الأطراف وفي آخر أطواق العمران.
قالوا: فهذا دليل على أنّا أكثر، وإذا كنّا أكثر كنا أفخر. وقد قال شاعركم:
ولست بالأكثر منه حصى ... وإنّما العزة للكاثر
قالوا: والقبط جنس من السودان وقد طلب منهم خليل الرحمن