لكم، بل ذلك هبة في النّاس من الله. والعقل هبة، وحسن الخلق هبة، والسّخاء والشجاعة كذلك.

وقد قالت الزّنج للعرب: من جهلكم أنّكم رأيتمونا لكم أكفاء في الجاهلية في نسائكم، فلمّا جاء عدل الإسلام رأيتم ذلك فاسدا، و [ما] بنا الرّغبة عنكم. مع أنّ البادية منّا ملأى ممّن قد تزوّج ورأس وساد، ومنع الذّمار، وكنفكم من العدوّ.

قال: وقد ضربتم بنا الأمثال وعظّمتم أمر ملوكنا، وقدّمتموهم في كثير من المواضع على ملوككم. ولو لم تروا الفضل لنا في ذلك عليكم لما فعلتم.

وقال النّمر بن تولب:

أتى ملكه ما أتى تبّعا ... وأبرهة الملك الأعظما

فرفعه على ملوك قومه.

وقال لبيد بن ربيعة:

لو كان حيّ في الحياة مخلّدّا ... في الدّهر أدركه أبو يكسوم

وهذا شيء من وصف الفضل لم يوصف أحد بمثله.

قالوا: ومما قدّمتم به ملوكنا على ملوككم قوله:

غلب الليالي خلف آل محرّق ... وكما فعلن بتبّع وبهر قل

وغلبن أبرهة الذي ألفيته ... قد كان خلّد فوق غرفة موكل

فقدّم أبرهة وأراد التّسوية.

قالوا: ومن الحبشة عكيم الحبشيّ، وكان أفصح من العجّاج. وكان علماء أهل الشام يأخذون عنه كما أخذ علماء أهل العراق من المنتجع بن نبهان.

وكان المنتجع سنديّا في أذنه خربة، وقع إلى البادية وهو صبيّ، فخرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015