لكم كمحمد بن الحنفية! وقد سمعتم أخباره وأنه قبض على درع فاضلة فجذبها فقطع ذيلها ما استدار منه كله. وسمعتم حديث الأيد القوي الذي أرسله ملك الروم إلى معاوية يفخر به على العرب، وأن محمدا قعد له ليقيمه فلم يستطع فكأنما يحرك جبلا، وأن الرومي قعد ليقيمه محمد فرفعه فوق رأسه ثم جلد به الأرض. هذا مع الشجاعة المشهورة والفقه في الدين والحلم والصبر والفصاحة والعلم بالملاحم والإخبار عن الغيوب حتى ادعى له أنه المهدي. وقد سمعتم أحاديث أبي اسحق المعتصم وأن أحمد بن أبي دؤاد عض ساعده بأسنانه أشد العض فلم يؤثر فيه، وأنه قال: ما أظن الأسنة ولا السهام تؤثر في جسده؟! وإن كان الفخر بالبشر وطلاقة الأوجه وسجاحة الأخلاق، فمن مثل علي بن أبي طالب؟ وقد بلغ من سجاحة خلقه وطلاقة وجهه أن عيب بالدعابة. ومن الذي يسوى بين عبد شمس وهاشم في ذلك! كان الوليد جبارا، وكان هشام شرس الأخلاق، وكان مروان بن محمد لا يزال قاطبا عابسا، وكذلك كان يزيد بن الوليد الناقص. وكان المهدي بن المنصور أسرى خلق الله وألطفهم خلقا، وكذلك محمد الأمين وأخوه المأمون. وكان السفاح يضرب به المثل في السّرو وسجاحة الخلق.
قالوا: ولنا من أفراد الرجال من ليس لكم مثله. منا يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، كان شجاعا [جريئا] ، وهو الذي ولى الموصل لأخيه السفاح فاستعرض أهلها حتى ساخت الأقدام في الدم. ومنا يعقوب بن ابراهيم بن عيسى بن أبي جعفر المنصور، كان شاعرا فصيحا، وهو المعروف بأبي الأسباط. ومنا محمد وجعفر ابنا سليمان بن علي، كانا أعظم من ملوك بني أمية وأجل قدرا وأكثر أموالا ومكانا عند الناس. وأهدى محمد بن سليمان من البصرة إلى الخيزران مائة وصيفة في يد كل واحدة منهن جام من ذهب وزنه ألف مثقال مملوء مسكا. وكان لجعفر بن سليمان ألفا عبد من السودان خاصة، فكم يكون ليت شعري غيرهم من البيض ومن الإماء! وما رؤى جعفر بن محمد راكبا قط إلا ظن أنه الخليفة. ومن رجالنا محمد بن السفاح، كان جوادا أيّدا شديد