. يوجه الجاحظ كلامه الى شخص لم يسمه ينعته بطيب الاخلاق والاقتراب من الكمال والتمام والفضل، لولا عيبان يعتبرهما القطب الذي تدور عليهما الفضائل ويستحقان العذل والتأنيب وهما افشاء السر ووضع القول في غير موضعه. ويبدو أن هذا الشخص من اصحاب الشأن والمراتب العالية، ومن اصدقاء الجاحظ الذين يهمه أمرهم ويحرص على ارشادهم وتوجيههم، أمثال محمد بن احمد بن ابي دؤاد.
ويرى الجاحظ ان الانسان مطبوع على «اذاعة السر واطلاق اللسان بفضل القول» والذي يحمله على ذلك الهوى وضعف العقل. ولذلك كان من العسير عليه مغالبة هواه وحفظ لسانه وصيانة اسراره، ولن يستطيع ذلك الا بقوة العقل. فمتى قوى عقله لجم هواه وضبطه ومنعه من ارسال الكلام على عواهنه واذاعة ما ينطوي عليه صدره ومن ثم جاءت تسمية العقل بهذا الاسم، فهو بالنسبة للهوى بمثابة الحبل بالنسبة للبعير يقيده ويمنعه من الشرود والضلال.
اما اللسان فلا لوم عليه لانه ليس سوى «اداة مستعملة لا حمد له ولا ذم عليه» والحمد والذم للعقل والحلم.