وتدور هذه الرسائل حول خمسة موضوعات اساسية: فموضوع الاخلاق المحض يغلب على ثلاث رسائل هي «كتمان السر وحفظ اللسان» ، و «الحاسد والمحسود» ، و «النبل والتنبل وذم الكبر» . ونلفي الجاحظ فيها يحلل هذه الخصال الخلقية تحليلا نفسيا يمتاز بالدقة والعمق، وينطلق من مبدأ خلقي واحد يقول ان الاخلاق طباع في الناس. فهي تولد معهم ويحملونها بالفطرة ولا تكتسب اكتسابا بالتربية والتعليم. وفي هذا يخالف ارسطو والفلاسفة المشائين.
والموضوع الثاني الذي يحتل حيزا كبيرا في هذه المجموعة هو الاجتماع وهو يغلب على رسائل ست هي «مفاخرة الجواري والغلمان» و «تفضيل البطن على الظهر» ، و «المعلمين» ، و «طبقات المغنين» ، و «الوكلاء» ، و «مدح التجار وذم عمل السلطان» . في الرسالتين الاوليين يطرق الجاحظ موضوعا يمتزج فيه الاجتماع بالفقه والاخلاق. وهو ظاهرة اللواط التي استشرت في عصره نتيجة الانحلال الخلقي والفساد الاجتماعي والانحراف الجنسي. وفي كل من الرسائل الاربع الباقية يتحدث عن طبقة من طبقات المجتمع في عصره أيضا: عن المعلمين واوضاعهم ونظرة الناس اليهم والدور الخطير الذي يضطلعون به في التربية ونقل الثقافة عبر الاجيال. وعلى المغنين واهمية فن الموسيقى ونشأته وممثليه الكبار. ثم الوكلاء ومدى الثقة التي ينبغي أن نمنحها اياهم. واخيرا التجار وشرف عملهم واشتهار قريش ومنها النبي في التجارة.
والموضوع الثالث الذي يحظى باهتمام الجاحظ هو الفقه. ويعتبر الجاحظ نفسه رجل علم وفقه. وقد طرق هذا الموضوع في ثلاث رسائل هي «الفتيا» و «مدح النبيذ وصفة اهله» و «الشارب والمشروب» ، ويذكر الجاحظ في رسالة الفتيا انه الف كتابا يجمع أصول الفقه عند مختلف