القائم فيه، الظّاهر عليه.
وقد تقيّلت- أبقاك الله- شيخك: خلقه وخلقه، وفعله وعزمه، وعزّ الشّهامة، والنّفس التّامّة.
ومرجع الأفعال إلى الطبائع، ومدار الطبائع على جودة اليقين وقوّة المنّة، وبهما تتمّ العزيمة، وتنفذ البصيرة.
هذا مع ما قسم الله لك من المحبّة ومنحك من المقة، وسلّمك عنه من المذمّة.
والله لو لم يكن فيكم من خصال الحريّة وخلال النّفوس الأبيّة إلّا أنّكم لا تدينون بالنّفاق، ولا تعدون الكذب ولا تستعملون المواربة في موضع الاستقامة، وحيث تجب الثّقة.
ولا يكون حظّ الأحرار بالمواعيد صرفا ولا تتّكلون على ملالة الطالب، ولا عجز الرّاغب، إذا استنفدت أيّامه، وعجزت نفقته، وماتت أسبابه، بل تعجّلون لهم الرّاحة عند تعذّر الأمور إليكم بالإياس، وتحقّقون أطماعهم عند إمكان الأمور لكم بالإنجاح.
فصل منه: وإنّك والله- أيّها الكريم المأمول، والمستعطب المسؤول- لا تزرع المحبّة إلّا وتحصد الشّكر، ولا تكثر المودّات إلّا إذا أكثر النّاس الأموال، ولا يشبع لك طيب الأحدوثة وجمال الحال في العشيرة، إلّا لتجرّع مرار المكروه. ولن تنهض بأعباء المكارم التي توجبها النّعمة وتفرضها المرتبة حتّى تستشعر التفكّر في التّخلّص إلى إغنائهم، والقيام بحسن ظنّهم، وحتّى ترحمهم من طول الانتظار، وترقّ عليهم من موت الأمل وإحياء القنوط،