المطالب، فاجتمع فيكم تمام القوام وبراعة الجمال، والبشر عند اللّقاء، ولين الخطاب والكنف للخلطاء، وقلّة البذخ بالمرتبة الرّفيعة، والزّيادة في الإنصاف عند النعمة الحادثة. فجعل النّاس وعدكم من أكرم الوعد، وعقدكم من أوثق العقد، وإطماعكم من أصحّ الإنجاز. وعلموا أنّكم تؤيسون في مواضع اليأس، وتطمعون في مواضع الضّمان، وأنّ الأمور عندكم موزونة معدّلة، والأسباب مقدّرة محصّلة.
هذا مع الصّولة والتّصميم في موضع التّصميم.
والتقية أحزم، والصّفح إذا كان الصفح أكرم، والرّحمة لمن استرحم، والعقاب لمن صمّم.
ثم المعرفة بفرق ما بين اعتزام الغمر واعتزام المستبصر، وفصل ما بين اعتزام الشجاع والبطل، وبين إقدام الجاهل المتهوّر.
وقد علم الناس بما شاهدوه منكم، وعاينوه من تدبير، وعرفوه من تصرّف حالاتكم، أنّي لم أتزيّد لكم، ولم أتكلّف فيكم ما ليس عندكم.
وخير المديح ما وافق جمال الممدوح، وأصدق الصّفات ما شاكل مذهب الموصوف، وشهد له أهل العيان الظّاهر، والخبر المتظاهر. ومتى خالف هذه القضيّة وجانب الحقيقة، ضارّ المادح ولم ينفع الممدوح.
هذا إلى الثّبات على العهد، وإحكام العقد، مع الوفاء العجيب، والرّأي المصيب، وتمام ذلك وكماله، وسناء ذلك وبهائه، وكثرة الشّهود لكم، وإجماع النّاس على ذلك فيكم.
ومن قبل لنفسه مديحا لا يعرف [به] كان كمادح نفسه. ومن أثاب