جعلت فداك. ليس من أجل اختياري النّخل على الزّرع أقصيتني، ولا على ميل إلى الصّدقة دون إعطائي الخراج عاقبتني، ولا لبغضي دفع الإتاوة والرضا بالجزية حرمتني.
ولست أدري لم كرهت قربي وهويت بعدي، واستثقلت روحي ونفسي واستطلت عمري وأيام مقامي. ولم سرّتك سيّئتي ومصيبتي وساءتك حسنتي وسلامتي، حتّى ساءك تجمّلي بقدر ما سرّك جزعي وتضجّري، وحتى تمنّيت أن أخطىء عليك فتجعل خطيئي حجّة لك في إبعادي، وكرهت صوابي فيك خوفا من أن تجعله ذريعة لك إلى تقريبي.
فإن كان ذلك هو الذي أغضبك، وكان هو السبب لموجدتك (فليس- جعلت فداك- هذا الحقد في طبقة هذا الذّنب، ولا هذه المطالبة من شكل هذه الجريمة.
ولو كان إذ لم يكن في وزنه وقع قريبا، وإذ لم يكن عدله وقع مشبها كان أهون في موضع الضّرر، وأسهل في مخرج السّماع.