وقال خالد بن صفوان: ما الإنسان لولا اللّسان إلّا ضالّة. أو بهيمة مرسلة، أو صورة ممثّلة.
وذكر الصّمت والنطق عند الأحنف فقال رجل: الصّمت أفضل وأحمد.
فقال: صاحب الصمت لا يتعدّاه نفعه، وصاحب المنطق ينتفع به غيره.
والمنطق الصّواب أفضل.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رحم الله امرأ أصلح من لسانه» .
قال: وسمع عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه رجلا يتكلّم فأبلغ في حاجته، فقال عمر: هذا والله السّحر الحلال.
وقال مسلمة بن عبد الملك: إنّ الرجل ليسألني الحاجة فتستجيب نفسي له بها، فإذا لحن انصرفت نفسي عنها.
وتقدم رجل إلى زياد فقال: أصلح الله الأمير، إنّ أبينا هلك، وإن أخونا غصبنا ميراثه. فقال زياد: الذي ضيعت من لسانك أكثر مما ضيّعت من مالك.
وقال بعض الحكماء لأولاده: يا بنيّ أصلحوا من ألسنتكم، فإنّ الرجل لتنوبه النائبة فيستعير الدابّة والثياب، ولا يقدر أن يستعير اللّسان.
وقال شبيب بن شيبة ورأى رجلا يتكلّم فأساء القول، فقال: يا ابن أخي، الأدب الصالح خير من المال المضاعف.
وقال الشاعر:
وكائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلّم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلّا صورة اللحم والدّم