فصل منه: أمتع الله بك وأبقى نعمه عندك؛ وجعلك ممّن إذا عرف الحقّ انقاد له، وإذا رأى الباطل أنكره وتزحزح عنه.
قد قرأت كتابك فيما وصفت من فضيلة الصّمت، وشرحت من مناقب السّكوت، ولخّصت من وضوح أسبابهما، وأحمدت من منفعة عاقبتهما وجريت في مجرى فنون الأقاويل فيهما، وذكرت أنّك وجدت الصّمت أفضل من الكلام في مواطن كثيرة وإن كان صوابا، وألفيت السّكوت أحمد من المنطق في مواضع جمّة، وإن كان حقّا.
وزعمت أنّ اللّسان من مسالك الخنا، الجالب على صاحبه البلا.
وقلت: إنّ حفظ اللسان أمثل من التورّط في الكلام.
وسمّيت الغبيّ عاقلا، والصّامت حليما، والساكت لبيبا، والمطرق مفكّرا. وسمّيت البليغ مكثارا والخطيب مهذارا والفصيح مفرطا، والمنطيق مطنبا.