الكشمش والتّين، ولم كره الجلوس على البواطي والرّياحين.
وقلت: وما نصيب الشّيطان، وما حاصل الإنسان؟
وسألت عمّن شرب الأنبذة أو كرهها من الأوائل، وما جرى بينهم فيها من الأجوبة والمسائل، وما كانوا عليه فيها من الآراء، وتشبّثوا فيها من الأهواء، ولأيّ سبب تضادّت فيها الآثار، واختلفت فيها الأخبار.
وسألت أن أقصد فى ذلك إلى الإيجاز والاختصار، وحذف الإكثار.
وقلت: وإذ جعل الله تعالى للعباد عن الخمر المندوحة بالأشربة الهنيّة الممدوحة، فما تقول فيما حسن من الأنبذة صفاه، وبعد مداه، واشتدّت قواه، وعتق حتّى جاد، وعاد بعد قدم الكون صافي اللّون، هل يحلّ إليه الاجتماع، وفيه الاكتراع، إذ كان يهضم الطّعام ويوطّىء المنام. وهو في لطائف الجسم سار، وفي خفيّات العروق جار، ولا يضرّ معه برغوث ولا يعوض ولا جرجس عضوض.
وقلت: وكيف يحلّ لك ترك شربه إذا كان لك موافقا، ولجسمك ملائما. ولم لا فلت: إنّ تارك شربه كتارك العلاج من أدوإ الأدواء وإنّه كالمعين على نفسه إذا ترك شربه أفحش الدّاء. وأنت تعلم أنّك إذا شربته عدّلت به طبيعتك، وأصلحت به صفار جسمك، وأظهرت به حمرة لونك، فاستبدلت به من السّقم صحّة، ومن حلول العجز قوّة، ومن الكسل نشاطا، وإلى اللّذّة انبساطا، ومن الغمّ فرجا، ومن الجمود تحرّكا، ومن الوحشة أنسا، وهو في الخلوة خير مسامر، وعند الحاجة خير ناصر. يترك الضّعيف وهو مثل أسد