النّصيحة.
فصل منه: ولابدّ في باب البصر بجواهر الرجال من صدق الحسّ، ومن صحّة الفراسة، ومن الاستدلال في البعض على الكلّ، كما استدلّت بنت شعيب- صلوات الله عليه- حين قضت لموسى- عليه السلام بالأمانة والقوّة، وهما الرّكنان اللذان تبنى عليهما الوكالة.
فصل منه: وقد قالوا: ليس ممّا يستعمل الناس كلمة أضرّ بالعلم والعلماء، ولا أضرّ بالخاصّة والعامّة، من قولهم: «ما ترك الأوّل للآخر شيئا» .
ولو استعمل النّاس معنى هذا الكلام فتركوا جميع التكلّف، ولم يتعاطوا إلّا مقدار ما كان في أيديهم لفقدوا علما جمّا ومرافق لا تحصى، ولكن أبى الله إلّا أن يقسم نعمه بين طبقات جميع عباده قسمة عدل، يعطى كلّ قرن وكلّ أمّة حصّتها ونصيبها؛ على تمام مراشد الدّين، وكمال مصالح الدنيا.
فهؤلاء ملوك فارس نزلوا على شاطىء الدّجلة، من دون الصّراة إلى فوق بغداد، في القصور والبساتين؛ وكانوا أصحاب نظر وفكر، واستخراج واستنباط، من لدن أزدشير بن بابك إلى فيروز بن يزدجرد.
وقبل ذلك ما نزلها ملوك الأشكان، بعد ملوك الأردوان.
فهل رأيتم أحدا اتّخذ حرّاقة، أو زلّالة، أو قاربا؟! وهل عرفوا الحنش مع حرّ البلاد ووقع السّموم؟!