اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ.

وقالت بنت شعيب في موسى بن عمران: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ

: فجمع جميع ما يحتاج إليه في الكلمتين.

وفي قياسك هذا إسقاط جميع ما أدّبنا الله به، وجعله رباطا لمراشدنا في ديننا، ونظاما لمصالحنا في دنيانا.

والذي يلزمني لك أن لا أعمّهم بالبراءة، والذي لزمك أن لا تعمّهم بالتّهمة، وأن تعلم أنّ نفعهم عامّ، وخيرهم خاصّ.

وقالوا: مثل الإمام الجائر مثل المطر، فإنّه يهدم على الضعيف، ويمنع المسافر.

وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- «حوالينا ولا علينا» .

والمطر وإن أفسد بعض الثّمار، وأضرّ ببعض الأكرة فإنّ نفعه غامر لضرره.

وليس شيء من الدّنيا يكون نفعه محضا، وشرّه صرفا. وكذلك الإمام الجائر، وإن استأثر ببعض الفيء، وعطّل بعض الحكم، فإنّ مضارّه مغمورة بمنافعه.

قالوا: وكذلك أمر الوكلاء والأوصياء والأمناء، لا تعلم قوما الشرّ فيهم أعتم ولا الغشّ فيهم أكثر من الأكرة، وما يجوز لنا مع هذا أن نعمّهم بالحكم مع إنّ الحاجة إليهم شديدة، ونزع هذه العادة [وهذا] الخلق منهم أشدّ.

فصل منه: وأنّا أظنّ أنّ الذنب مقسوم بينك وبين وكلائك. فارجع إلى نفسك فلعلّك أن ترى أنّك إنّما أتيت من قبل الفراسة، أو من قبل أنّك لم تقطع لهم الأجرة السنيّة، وحملتهم على غاية المشقّة في أداء الأمانة وتمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015