ولد يزيد بن بن المهلّب كان كافيا. ونحن إذا قلنا: ليس في قيس الكوفة مثل قتيبة بن مسلم، قال قائل: فزارة أشرف من باهلة. قلنا: ليس هذه معارضة؛ فإنّما المعارضة أن تذكر أسماء بن خارجة ثم تقول ونقول، فنذكر فتوح قتيبة العظام، والشّهامة والنفس الأبية، والشّجاعة والحزم والرأي، والوفاء، وشرف الولاية، ونذكر سودد أسماء، وجوده ونواله. فأمّا أن نتخطّى أنفسهما إلى قبائلهما كما تخطّيت بدن المهلّب وبدن مخنف إلى أزد عمان وأزد السّراة، فهذا ليس من معارضة العلماء.
وكذلك إذا ذكرنا عبّاد البصرة وزهّادها ونسّاكها فقلنا: لنا مثل غامر بن عبد قيس، وهرم بن حيّان، وصلة بن أشيم. قلت: فعبّاد الكوفة: أويس القرنيّ، والرّبيع بن خثيم، والأسود بن يزيد النّخعي. وهذا جواب.
فأمّا أن تذكر طيب الدّنيا والتمتّع من لذّاتها وصفات محاسنها، وتذكر ظرفاءها وأربابها، وتجيئنا بأحاديث الزهّاد والفقهاء، فقد انقطع الحجاج بيننا وبينك.
وقد قلنا في صدر كتابنا: إن الكلام إذا وضع على المزح والهزل، ثم أخرجته عن ذلك إلى غيره من الجدّ، تغيّر معناه وبطل.
وقد روي أنّ معاوية سأل عمرو بن العاص يوما- وعنده شباب من قريش- فقال له: يا أبا عبد الله، ما اللذّة؟ فقال: مر شباب قريش فليقوموا. فلما قاموا قال: «إسقاط المروءة» .
قال الشاعر في مثل ذلك:
من راقب النّاس مات غمّا ... وفاز باللّذّة الجسور
وقال الحكميّ:
تجاسرت فكاشفت ... ك لمّا غلب الصّبر