بالله نستعين واياه نستهدي وعليه نتوكل.
ان لكل نوع من العلم اهلا يقصدونه ويؤثرونه، واصناف العلم لا تحصى، منها الجزل ومنها السخيف. واذا كان موضع الحديث على أنه مضحك ومله، وداخل في باب حد المزح، فابدلت السخافة بالجزالة انقلب عن جهته، وصار الحديث الذي وضع على ان يسر النفوس يكربها ويغمها.
ومتى كان صاحب علم ممرنا موقحا، الف تفكير وتنقيب ودراسة، وحلف تبين، وكان ذلك عادة له، لم يضره النظر في كل فن من الجد والهزل؛ ليخرج بذلك من شكل الى شكل. فان الاسماع قد تمل الاصوات المطربة والاوتار الفصيحة والاغاني الحسنة، اذا طال ذلك عليها.
وقد روي عن ابي الدرداء، رضي الله عنه، انه قال: «اني لاستجم نفسي ببعض الباطل مخافة ان أخمل عليها من الحق ما يملها» .
وقد روي عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه قال: «العلم اكثر من أن يحصى، فخذوا من كل شيء احسنه» .