يطلب من الطّوائل إلّا ما لا خطار فيه ولا يتكبّر إلّا حيث لا ترجع مضرّته عليه، ولا يقفو التّقيّة ولا المروءة، ولا يعمل على حقيقته.

ومن اختار أن يبغي تبدّى، ومن أراد أن يسمع قوله ساء خلقه، إذ كان لا يحفل ببغض النّاس له ووحشة قلوبهم منه، واحتيالهم في مباعدته، وقلّة ملابسته.

وليس يأمن اللّئيم على إتيان جميع ما اشتمل عليه اسم اللّؤم إلّا حاسد.

فإذا رأيته يعقّ أباه، ويحسد أخاه، ويظلم الضّعيف، ويستخفّ بالأديب، فلا تبعده من الخيانة، إذ كانت الخيانة لؤما ولا من الكذب، إذ كان الكذب لؤما، ولا من النّميمة، إذ كانت النّميمة لؤما، ولا تأمنه على الكفر فإنّه ألأم اللّؤم، وأقبح الغدر.

ومن رأيته منصرفا عن بعض اللّؤم، وتاركا لبعض القبيح، فإيّاك أن توجّه ذلك منه على التجنّب له، والرّغبة عنه، والإيثار لخلافه، ولكن على أنّه لا يشتهيه أو لا يقدر عليه، أو يخاف من مرارة العاقبة أمرا يعفي على حلاوة العاجل، لأنّ اللّؤم كلّه أصل واحد وإن تفرّقت فروعه، وجنس واحد وإن اختلفت صوره، والفعل محمول على غلبته، تابع لسمته. والشّكل ذاهب على شكله، منقطع إلى أصله، صائر إليه وإن أبطأ عنه، ونازع إليه وإن حيل دونه. وكذلك تناسب الكرم وحنين بعضه لبعض.

[8- عواقب الكبر]

ولم تر العيون، ولا سمعت الآذان، ولا توهّمت العقول عملا اجتباه ذو عقل، أو اختاره ذو علم، بأوبأ مغبّة، ولا أنكد عاقبة، ولا أوخم مرعى، ولا أبعد مهوى، ولا أضرّ على دين، ولا أفسد لعرض، ولا أوجب لسخط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015