واحتجت الحنفية على قبول رواية المجهول بأوجه:
منها: أن سبب التثبت هو الفسق بالنص، وهو فيه منتفٍ؛ لأن الأصل عدمه، فينتفي التثبت ويجب القبول.
وأجاب المصنف: بمنع انتفاء الفسق، بل إنما ينتفي إذا عُلِمَ عدم فسقه بالخبرة، أو التزكية.
ولقائل أن يقول: اشتراط العلم في ذلك متعذر قطعاً، والظن حاصل بالزمن.
ومنها [111/ب] قوله ـــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ: {{نحن نحكم بالظاهر}}.
ومجهول الحال الظاهر منه لا من حاله العدالة فيحكم بقوله.
وأجاب بمنع ظهور العدالة من المسلم، فإن الفرض أنه مجهول الحال.
وفيه نظر؛ لأنه لم يقل: إن الظاهر من حاله العدالة، بل قال: الظاهر من المسلم العدالة والفرق بيّن، على أن منع ظهور العدالة عن المسلم إمّا أن يكون في زماننا، أو في زمان أبي حنيفة، أو مطلقاً، والثالث سوء ظن بالصحابة. والثاني رَدٌّ لشهادة النبي ـــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ والأول ليس بمراد لأبي حنيفة.
وقال: ـــــ وأيضاً ـــــ مُعَارَضٌ بقوله ـــــ تعالى ـــــ {وَلَا تَقفُمَالَيسَلَكَبه عِلمٌ} فإنه يدل على عدم اعتبار قوله، لعدم العلم به.
وفيه نظر؛ لما تقدم أن الاستدلال بهذه الآية لا يتم، على أنها تدل على اشتراط العلم، وهو ليس بشرط بالاتفاق.