"وقد كاد أن ينعقد الإجماع من العلماء المتأخرين من أهل الأمصار في تضعيف أحاديث المهدي وكونها مصنوعة وموضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل التعارض والتناقض والمخالفات والإشكالات مما جعل الأمر جليا للعيان ولا يخفى إلا على ضعفة الأفهام، والله يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم".
فإن هذا الإجماع المزعوم اعمدته الشيخ محمد رشيد رضا ومحمد فريد وجدي والبلاغي وأحمد أمين وأبو عبية والشيخ ابن محمود ونتيجته في كلام الشيخ ابن محمود أن أحاديث المهدي مصنوعة موضوعة بدليل تعارضها وتناقضها مما يجعل الأمر جليا للعيان ولا يخفى إلا على ضعفة الأفهام والوصف بضعف الفهم لم يسلم منه إلا أولئك الذين كاد أن ينعقد إجماعهم ومن لف لفهم والله المستعان، ثم إن هؤلاء الذين كادوا أن يجمعوا هم أهل العلم والدين في قول الشيخ ابن محمود في ص 57: "وأرجو بهذا البيان أن تستريح نفوس الحائرين ويعرفوا رأي أهل العلم والدين في هذه المشكلة التي تثار بين آن وآخر". وهم أهل الكيفية في قول الشيخ ابن محمود: "فهذه الأحاديث هي التي أخذت بمجامع قلوب الأكثرين من علماء أهل السنة على حد ما قيل: والقوة للكاثر على أن الكعبة (كذا) الكمية لا تغني عن الكيفية شيئا وأكثر الناس مقلدة يقلد بعضهم وقليل منهم المحققون".
وإيضاحا للحق ودفعا للباطل أقول: إن علماء أهل السنة المعتد بهم في القديم والحديث مصدقون بالأحاديث الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم الدالة على خروج المهدي في آخر الزمان ولا ينكرها إلا شاذ عنهم وسبق أن أشرت في مواضع من هذا البحث إلى تسمية بعض علماء أهل السنة الذين احتجوا بأحاديث المهدي وقالوا بثبوت خروجه آخر الزمان وقد يكون من المناسب هنا تسمية عدد من هؤلاء العلماء ليتضح أن علماء أهل السنة المتبعين للنصوص الذين لا يعارضونها بالشبه العقلية كما أنهم أهل الكمية فهم أهل الكيفية وأن الذين شذوا عنهم ليسوا ذوي كمية ولا كيفية وليس ذلك للمقارنة والموازنة معاذ الله.
ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
1- الإمام أبو داود صاحب السنن المتوفى سنة 275 هـ.
2- الإمام أبو عيسى الترمذي صاحب الجامع المتوفى سنة 279 هـ.
3- الحافظ أبو جعفر العقيلي صاحب كتاب الضعفاء المتوفى سنة 223 هـ.
4- الإمام ابن حبان البستي صاحب الصحيح المتوفى سنة 354 هـ.
5- الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري السجزي صاحب كتاب مناقب الشافعي المتوفى سنة 363 هـ.
6- الإمام أبو سليمان الخطابي صاحب معالم السنن وغيره المتوفى سنة 388هـ، وإثباته لخروج المهدي في آخر الزمان ذكره صاحب تحفة الأحوذي في شرح جامع الترمذي في شرح حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان وتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة.." الحديث.