رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته بحال فقد أثبتت التاريخ الصحيحة حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بداية مولده إلى حين وفاته كما أثبتها القرآن وليس فيها شيء من ذكر المهدي كما لا يوجد في القرآن شيء من ذلك فكيف يسوغ لمسلم أن يصدق به والقرائن والشواهد تكذب به.
والجواب: أن هذا الكلام من النوع الذي لا ينتهي عجب الواقف عليه لاسيما قوله فيه: "فقد أثبتت التاريخ الصحيحة حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بداية مولده إلى حين وفاته كما أثبتها القرآن وليس فيها شيء من ذكر المهدي كما لا يوجد في القرآن شيء من ذلك". فإن كان الكاتب يقصد الحياة العملية فلا وجه للبحث عن خروج المهدي في آخر الزمان ضمن السيرة النبوية العملية، وإن كان يقصد بحياته صلى الله عليه وسلم ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال وتقريرات فلا وجه لقوله: "وليس فيها شيء من ذكر المهدي" ومعلوم أن حد الحديث النبوي الشريف عند أهل الحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خلقي أو خلقي وكتب الحديث الشريف مليئة بالنصوص الواردة في المهدي وفيها كما قال أهل العلم بالحديث الصحيح والحسن والضعيف والموضوع.
وعلى هذا فقوله: "ففكرة المهدي وسيرته وصفته لا تتفق مع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته بحال" من قبيل الكلام البارد الذي لم يفكر في معناه عند تسطيره وإلا فإن خروج المهدي في آخر الزمان لم يعرفه أهل السنة والجماعة المتبعين للنصوص الشرعية إلا بثبوته في السنة النبوية ولا يقل عن قوله ذلك قوله: "فكيف يسوغ لمسلم أن يصدق به والقرائن والشواهد تكذب به" فإن المسلم الناصح لنفسه لا يصدق ويكذب تبعا للهوى وإنما يكون تصديقه أو تكذيبه متمشيا مع النصوص الشرعية فيجعل النقل حكما على العقل لا أن يجعل العقول محكمة في النقول فيقع في فضول القول وردئ الكلام.
31 - وقال الشيخ ابن محمود في ص17: "ولقد عاش الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون ثم عاش من بعدهم العلماء والسلف الصالحون ممن كانوا في القرون الثلاثة المفضلة ثم عاش من بعدهم جميع العلماء والحكام ومنهم عماد الدين زنكي ونور الدين محمود الشهيد وصلاح الدين الأيوبي وجميع الناس بعدهم وفي مقدمتهم شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم فلم ينقص إيمانهم وتقواهم عدم وجود المهدي من بينهم لعلمهم واعتقادهم أن الدين كامل بدونه فلا حاجة لهم به خرج أو لم يخرج".
والجواب أن يقال أولا: هذا الكلام من النوع الذي يصلح أن يوصف بأنه ليس له معنى مستقيم.
وثانيا: أن الزمن الذي يخرج فيه المهدي أوضحته النصوص الصحيحة وهو آخر الزمان حيث يخرج الدجال في زمنه، وينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء ويصلي خلفه.
وثالثا: إن عدم وجوده بين الناس في أزمنة قبل زمانه لا ينقص الإيمان والتقوى وإنما الذي ينقص الإيمان والتقوى عدم تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به والقدح بالنصوص الشرعية استنادا إلى الشبه العقلية كما هو مسلك بعض الكتاب في القرن الرابع عشر.