وقال في ص 29:
"والحق الذي نعتقده وندعو الناس إلى العلم به والعمل بموجبه هو أنه لا مهدي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما لا نبي بعده".
أقول: أولا: هذه التسمية وهي قوله: (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر) فيها إطلاق يدخل فيه إنكار خروج المهدي في آخر الزمان ويفهم من جملة (بعد الرسول خير البشر) إنكار نزول عيسى عليه الصلاة السلام في آخر الزمان ولو كانت هذه العبارات فيها تقييد لا يفهم منه احتمال إنكار نزول عيسى عليه الصلاة والسلام لكان بعض الشر أهون من بعض.
ثم إن الرسالة لم تشتمل على التصريح بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام إلا ضمن كلام أهل السنة الذين ألفت الرسالة للإنكار عليهم بل اشتملت في ص 15 على إيراد حديث فيه نزول عيسى عليه الصلاة والسلام وقتله الدجال وصلاته خلف المهدي قال فيه الشيخ ابن محمود نقلا عن الشيخ على القاري في كتابه الموضوعات الكبير أنه موضوع مع أن الشيخ علي القاري لم يقل فيه أنه موضوع بل قال عنه في كتابه المذكور أنه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي نقل كلامه بلفظه.
ثانيا: هذه الدعوة إلى إنكار خروج المهدي في آخر الزمان دعوة إلى إنكار ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث في ذلك ودعوة إلى سلوك مسلك يخالف ما درج عليه العلماء من أهل السنة مثل البيهقي والعقيلي والخطابي والقاضي عياض والقرطبي والذهبي وابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم.
2ـ وقال الشيخ عبد الله بن محمود في ص 3:
"وإن فكرة المهدي ليست في أصلها من عقائد أهل السنة القدماء فلم يقع لها ذكر بين الصحابة في القرن الأول ولا بين التابعين" انتهى.
والجواب أن الأحاديث الكثيرة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي خروج المهدي في آخر الزمان قد تلقاها عنه الصحابة رضي الله عنهم وتلقاها عنهم التابعون فكيف يقال أنه لم يكن لذلك ذكر بين الصحابة في القرن الأول ولا بين التابعين، وقد قال الشوكاني في كتابه التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي والدجال والمسيح كما في كتاب الإذاعة لصديق حسن خان: "والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شبهة بل يصدق وصف المتواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة جدا لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك". انتهى.
3ـ قال الشيخ ابن محمود في ص 3:
"وإن أصل من تبنى هذه الفكرة - يعني فكرة المهدي - والعقيدة هم الشيعة الذين من عقائدهم الإيمان بالإمام الغائب المنتظر يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وهو الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري فسرت هذه الفكرة وهذا الاعتقاد بطريق المجالسة والمؤانسة والاختلاط إلى أهل السنة فدخلت معتقدهم وهي ليست من أصل عقيدتهم". انتهى.