وبناء على هذا فما زعمه ابن محمود من أن أحاديث المهدي من قبيل الأحاديث الموضوعة التي قام المحققون من العلماء بتحقيقها وبينوا بطلانها وأسقطوها عن درجة الاعتبار وحذروا الأمة منها هو زعم باطل وكلام ساقط عن درجة الاعتبار ولا يستطيع أن يسمي واحدا من العلماء المحققين المعتد بهم قال بأن أحاديث المهدي موضوعة مبينا المصدر الذي استند إليه في ذلك أما مجرد الزعم الخاطئ العاري عن الصحة الخالي من الصدق فقد نسب إلى الإمامين الجليلين الدارقطني والذهبي أنهما يعتبران أحاديث المهدي مما لا يجوز النظر فيه وهما بريئان من هذه الفرية براءة الشمس من اللمس وبراءة الذئب من دم يوسف عليه الصلاة والسلام وسبق أن أوضحت هذا في رقم (19) .
25- وقال في ص70: "ولست أنا أول من قال ببطلان دعوى المهدي وكونه لا حقيقة لها فقد سبقني من قال بذلك من العلماء المحققين" ومثل بالشيخ محمد بن عبد العزيز المانع والشيخ محمد رشيد رضا.
وقال في ص 6: "إننا لسنا بأول من كذب بهذه الأحاديث - يعني الأحاديث الواردة في المهدي - فقد أنكرها بعض العلماء قبلنا فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المنهاج بعد ذكره لأحاديث المهدي، أن هذه الأحاديث في المهدي قد غلط فيها طوائف من العلماء فطائفة أنكروها، مما يدل على أنها موضع خلاف من قديم بين العلماء كما هو الواقع من اختلاف العلماء في هذا الزمان".
يجاب على ذلك بما يلي:
أولا: أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال في منهاج السنة: "وهذه الأحاديث غلط فيها طوائف، طائفة أنكروها واحتجوا بحديث ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا مهدي إلا عيسى بن مريم" وهذا الحديث ضعيف وقد اعتمد أبو محمد الوليد البغدادي وغيره عليه وليس مما يعتمد عليه"، هذا ما قاله شيخ الإسلام عن هذه الطائفة التي أنكرت هذه الأحاديث فإنها قد عولت على حديث ضعيف لا يعول عليه ولم يسم شيخ الإسلام سوى أبي محمد بن الوليد البغدادي وقد بحثت عن هذا الرجل فلم أقف له على ترجمة، أما الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع فلم يضعف الأحاديث الواردة في المهدي بل قال بتصحيح بعض هذه الأحاديث وقد بين ذلك في رسالة سماها: ((تحديق النظر بأخبار الإمام المنتظر)) وقد نقلت جملا من كلامه في ذلك في رقم (13) وأما الشيخ محمد رشيد رضا فقد أوضحت في رقم (15) أنه سقط وتردى في إنكار رفع عيسى عليه الصلاة والسلام حيا ونزوله من السماء وأنه ليس بمستغرب عليه أن يسقط ويتردى في إنكار خروج المهدي في آخر الزمان ومن كانت هذه حاله يحصل من قلده في سقوطه وترديه الإضرار بنفسه.
ثانيا: أنه قد عرف من قديم الزمان عن الشيخ ابن محمود أنه عندما يشذ في مسألة يشعر بالوحشة فيسلي نفسه بمثل هذه العبارات فيقول لست أنا أول من قال بكذا بل سبقني إليه فلان وفلان فقد ألف رسالة قبل ربع قرن من الزمان تخبط فيها في بعض مسائل الحج وقد رد عليه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل إبراهيم مفتي الديار السعودية في زمانه رحمه الله تعالى في رسالة سماها: ((تحذير الناسك مما أحدثه ابن محمود في المناسك)) طبعت في عام 1376هـ قال رحمه الله في ص50: "وقد أحس هذا الرجل -