فتح الباري وأما أقدم هؤلاء الحفاظ وهو ابن حبان البستي فقد أورد في صحيحه مجموعة من أحاديث المهدي وقد أورد الهيثمي في (موارد الظمآن) جملة منها وقال الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري في شرح حديث: "لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه" قال: "واستدل ابن حبان في صحيحه بأن حديث أنس ليس على عمومه بالأحاديث الواردة في المهدي وأنه يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما" انتهى. وهؤلاء الأربعة وهم الإمام ابن حبان البستي والحافظ ابن العراقي والحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ السخاوي يعتبرون قطرة من بحر في عدد الأئمة الحفاظ الذين قالوا بثبوت خروج المهدي في آخر الزمان استنادا إلى الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك.
(22) - وقال الشيخ ابن محمود في ص 51:
"وهنا حديث كثيرا ما يحتج به المتعصبون للمهدي وهو أن المهدي مع المؤمنين يتحصنون به من الدجال وأن عيسى عليه السلام ينزل من منارة مسجد الشام فيأتي فيقتل الدجال ويدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة فيقول المهدي: تقدم يا روح الله فيقول: إنما هذه الصلاة أقيمت لك فيتقدم المهدي ويقتدي به عيسى عليه السلام إشعارا بأنه من جملة الأمة ثم يصلي عيسى عليه السلام في سائر الأيام قال علي بن محمد القارئ في كتابه الموضوعات الكبير: " بأنه حديث موضوع" انتهى.
أقول: لم يقل الشيخ علي القارئ عن هذا الحديث أنه موضوع كما قال الشيخ ابن محمود بل الذي قاله فيه أنه ثابت فقد نقل في كتابه الموضوعات الكبير ص 164 كلام ابن القيم في فضائل المسجد الأقصى وأخرها قول ابن القيم: "وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين يتحصنون به من يأجوج ومأجوج" ثم قال ابن القيم: "فهذا مجموع ما يصح فيه من الأحاديث" وعقب ذلك مباشرة قال الشيخ علي القاري: "قلت وكذا ثبت أن المهدي مع المؤمنين يتحصنون به من الدجال وأن عيسى عليه السلام ينزل من منارة مسجد الشام فيأتي فيقتل الدجال ويدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة فيقول المهدي: تقدم يا روح الله فيقول إنما هذه الصلاة أقيمت لك فيتقدم المهدي ويقتدي به عيسى عليه السلام إشعارا بأنه من جملة الأمة ثم يصلى عيسى عليه السلام في سائر الأيام.." انتهى كلام الشيخ علي القاري وهو واضح في إثبات ذلك ولم يقل إنه موضوع كما عزاه إليه الشيخ ابن محمود ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق وقتله الدجال بباب لد وصلاته خلف إمام المسلمين في ذلك الزمان ثابت في صحيح مسلم وغيره وكون ذلك الإمام الذي يصلى عيسى بن مريم خلفه يقال له المهدي ثابت في مسند الحارث بن أبي أسامة.
(23) عقد الشيخ ابن محمود في رسالته فصلا بعنوان التحقيق المعتبر عن أحاديث المهدي المنتظر يقع في سبع ورقات يشتمل على أحد عشر حديثا قال قبل كلامه عليها.. وسنتكلم على الأحاديث التي يزعمونها صحيحة والتي رواها أبو داود والإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وكلها متعارضة ومختلفة ليست بصحيحة ولا متواترة لا بمقتضى اللفظ ولا المعنى، وقد أعجب الشيخ عبد الله بن محمود بكلامه في هذا الفصل فقد قال في ص 8: "وقد عقدت في الرسالة فصلا عنوانه (التحقيق المعتبر عن أحاديث المهدي المنتظر) شرحت فيه سائر الأحاديث التي رواها أبو داود والترمذي وابن ماجه والإمام أحمد والحاكم بما لا مزيد عليه فليراجع".
وقال في ص 27: "إنهم لو رجعوا- يعني الذين يقولون بصحة الأحاديث الواردة في المهدي- إلى التحقيق المعتبر لأحاديث المهدي المنتظر من كتابنا هذا وفكروا في الأحاديث التي يزعمونها صحيحة ومتواترة وقابلوا بعضها ببعض لظهر لهم بطريق اليقين أنها ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة لا باللفظ ولا بالمعنى".
وتعليقي على هذا الفصل ما يلي: