فهذه القضية الكلية لا تعلم ب الحس بل بما يتركب من الحس والعقل وليس الحس هنا هو السمع.

وهذا النوع قد يسميه بعض الناس كله تجربيات وبعضهم يجعله نوعين تجربيات وخدسيات فان كان الحس المقرون ب العقل من فعل الإنسان كأكله وشربه وتناوله الدواء سماه تجربيا وإن كان خارجا عن قدرته كتغير أشكال القمر عند مقابلة الشمس سماه حدسيا والأول أشبه باللغة فان العرب تقول رجل مجرب بالفتح لمن جربته الأمور وأحكمته وإن كانت تلك من أنواع البلايا التي لا تكون باختياره.

وذلك أن التجربة تحصل بنظره واعتباره وتدبره كحصول الأثر المعين دائرا مع المؤثر المعين دائما فيرى ذلك عاده مسمرة لا سيما أن شعر بالسبب المناسب فيضم المناسب إلى الدوران مع السبر والتقسيم فانه لا بد في جميع ذلك من السبر والتقسيم الذي ينفى المتزاحم وإلا فمتى حصل الأثر مقرونا بأمرين لم تكن إضافته إلى أحدهما دون الآخر بأولى من العكس ومن إضافته إلى كليهما.

وما يحتج به الفقهاء في إثبات كون الوصف علة للحكم من دوران ومناسبة وغير ذلك إنما يفيد المقصود مع نفى المزاحم وذلك يعلم ب السبر والتقسيم فان كان نفى المزاحم ظنيا كان اعتقاد العلية ظنيا وإن كان قطعيا كان الاعتقاد قطعيا إذا كان قاطعا بأن الحكم لا بد له من علة وقاطعا بأنه لا يصلح للعلة إلا الوصف الفلاني.

وهكذا القضايا العادية من قضايا الطب وغيرها هي من هذا الباب وكذلك قضايا النحو والتصريف واللغة من هذا الباب ولكن في اللغة يدور المعنى مع اللفظ لا هذا الباب وفي النحو والتصريف يدور الحكم مع النوع وهذا كالعلم بأن أكل الخبز ونحو هـ يشبع وشرب الماء ونحوه يروى ولبس الحشايا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015