فالتفريق بين الذاتي والعرضي اللازم أبعد ولهذا أبطل ابن سينا الفرق بهذا كما قد ذكرنا لفظه في موضع آخر فانه على التفسيرين من اللوازم ما يثبت بغير وسط.

فإذا قيل الذاتي ما يثبت بغير وسط وقد عرف أن من اللوازم ما ثبت بغير وسط تبين بطلان هذا الفرق على كل تقدير.

اختلاف أحوال الناس في احتياجهم وعدم احتياجهم إلى الدليل:

وأما كون الوسط الذي هو الدليل قد يفتقر إليه في بعض القضايا بعض الناس دون بعض فهذا أمر بين فان كثيرا من الناس تكون القضية عنده حسية أو مجربة أو برهانية أو متواترة وغيره إنما عرفه بالنظر والاستدلال.

ولهذا كثير من الناس لا يحتاج في ثبوت المحمول ل الموضوع إلى دليل لنفسه بل لغيره ويبين ذلك لغيره بأدلة هو غنى عنها حتى يضرب له أمثالا ويقول له أليس كذا أليس كذا ويحتج عليه من الأدلة العقلية والسمعية بما يكون حدا أوسط عند المخاطب مما لا يحتاج إليه المستدل بل قد يعلم الشيء ب الحس ويستدل على ثبوته لغيره ب الدليل.

وهذا أكبر من أن يحتاج إلى تمثيل فما أكثر من يرى الكواكب ويرى الهلال وغيره فيقول قد طلع الهلال وتكون هذه القضية له حسية وقد تكون عند غيره مشكوكا فيها أو مظنونة أو خبرية بل قد يظنها كذبا إذا صدق المنجم الخارص القائل أنه لا يرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015