وهو الحد الأوسط.
وهذا يختلف باختلاف الناس فقد يحتاج هذا في العلم ب الملزوم إلى دليل بخلاف الآخر.
ومن لم يفهم مرادهم في هذا الموضع يظن أنهم أرادوا ب الوسط ما هو وسط في نفس الموصوف بحيث يكون ثبوت الوصف اللازم ل الملزوم بواسطته لا يثبت بنفسه كما قد فهم ذلك عنهم طائفة منهم الرازي وغيره وهذا مع أنه غلط عليهم كما بينا ألفاظهم في غير هذا الموضع فهو أيضا باطل في نفسه.
ولا ريب أن من اللوازم ما يفتقر إلى وسط ومنها ما لا يفتقر إلى وسط عندهم وهذا احد الفروق الثلاثة التي فرقوا بها بين الذاتي والعرضي اللازم للماهية وقد أبطلوا هذا الفرق ويعبر بعضهم عن هذا الفرق ب التعليل كما يعبر به ابن حاجب.
فإذا كان في اللوازم ما هو ثابت في نفس الأمر بغير وسط ولا علة لم يبق هذا فرقا بين الذاتي وبين هذه اللوازم فبطلت التصديق بهذا لكن من تصور الذات بهذه اللوازم فتصوره أتم ممن لم يتصورها بهذه اللوازم.
وإذا كان المراد ب الوسط الدليل الذي يعلل به الثبوت الذهني لا الخارجي فهذا يختلف باختلاف الناس ولا ريب أن ما يستدل به سواء سمى قياسا أو برهانا أو غير ذلك قد يكون هو علة لثبوت الحكم في نفس الأمر ويسمى قياس العلة وبرهان العلة وبرهان لم وقد لا يكون كذلك وهو الدليل المطلق ويسمى قياس الدلالة وبرهان الدلالة وبرهان أن وهذا مراد ابن سينا وغيره ب الوسط وهذا مما تختلف فيه أحوال الناس