عَلَيْهِ} وإلا فإذا شهدت أنه المستحق للعبادة مع رؤيتك نفسك لم تشهد حقيقة إياك نستعين وإذا شهدت حقيقة أنه الفاعل لكل شيء ولم تشهد أنه المستحق للعبادة دون ما سواه وان عبادته إنما تكون بطاعة رسوله لم تشهد حقيقة إياك نعبد وإذا تحققت بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تحققت بالفناء في التوحيد الذي بعث الله به رسله وانزل به كتبه قال الله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} .
وقال تعال: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} وقال تعالى: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} .
ولهذا لما سلك ابن عربي وابن سبعين وغيرهما هذه الطريق الفاسدة أورثهم ذلك الفناء عن وجود السوي فجعلوا الموجود واحدا ووجود كل مخلوق هو عين وجود الحق وحقيقة الفناء عندهم أن لا يرى إلا الحق وهو الرائي والمرئي والعابد والمعبود والذاكر والمذكور والناكح والمنكوح والأمر الخالق هو الأمر المخلوق وهو المتصف بكل ما يوصف به الوجود من مدح وذم وعباد الأصنام ما عبدوا غيره وما ثم موجود مغاير له البتة عندهم وهذا منتهي سلوك هؤلاء الملحدين.
فحقيقته قول فرعون لأن فرعون كان في الباطن عالما بأن ما يقوله باطل وكان جاحدا مريدا للعلو والفساد ولهذا جحد وجود الصانع بالكلية وأما هؤلاء فجهال ضلال يحسبون أن ما يقولونه هو حقيقة إثبات الرب وتعظيمه وهو في الحقيقة قول فرعون فان فرعون ما كان ينكر وجود هذا العالم ولا ينكر أن الموجودات تشترك في مسمى الوجود وإنما كان ينكر أن لهذا الوجود خالقا مباينا له ولهذا أمر ببناء ليكذب موسى بزعمه أن للعالم آلها فوقه قال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ