ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت واكره مساءته ولا بد له منه".
فالناظر إلى القدر لا يفرق بين مأمور ومحذور سواء كان فرضا أو نفلا وهو مع هذا لا بد لنفسه أن تميل إلى شيء وتنفر عن شيء فان خلو الحي عن الإرادة مطلقا محال فان لم يحب ما يحبه الله ويبغض ما يبغضه أحب ما تحبه نفسه وابغض ما تبغضه نفسه فيخرج عن الفرق الإلهي النبوي الذي هو حقيقة قول لا اله إلا الله وحقيقة دين الإسلام إلى الفرق النفساني الشيطاني.
ثم هؤلاء صاروا فرقا أما ابن سينا وأمثاله من الملاحدة فإنهم يأمرون بهذا مع سائر إلحادهم من نفي الصفات وقدم الأفلاك وإنكار معاد الأبدان وجعل النبوة تنال بالكسب كالذكاء والزهد وإنما يفيض عليها فيض من العقل الفعال فيخرج من دين المسلمين واليهود والنصارى.
بل الفناء المحمود عند العارفين هو تحقيق شهادة أن لا اله إلا الله فلا يشهد لمخلوق شيئا من الإلهية فيشهد أنه لا خالق غيره ويشهد أنه لا يستحق العبادة غيره ويتحقق بحقيقة قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وقوله: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ