به وهذا لو كان سالكه يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويفعل ما أمر الله به وينتهي عما نهى الله عنه فيسلك سلوك اتباع الرسل لكانت هذه الغاية سلوكا ناقصا عند أئمة العارفين فان الفناء الذي أثبته إنما هو الفناء عن شهود السوي وكذلك من اتبعه مثل ابن الطفيل المغربي صاحب رسالة حي بن يقظان وأمثاله وهذا فناء عن ذكر السوى وشهوده وحظوره بالقلب وهذا حال ناقص يعرض لبعض السالكين ليس هو الغاية ولا شرطا في الغاية.

بل الغاية الفناء عن عبادة السوي وهو حال إبراهيم ومحمد الخليلين صلى الله عليه وسلم فانه قد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه قال: "إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا".

وحقيقة هذا الفناء هو تحقيق الحنيفية وهو إخلاص الدين لله وهو أن يغني يفني بعبادة الله عن عبادة ما سواه وبمحبته عن محبة ما سواه وبطاعته عن طاعة ما سواه وبخشيته عن خشية ما سواه وبالحب فيه والبغض فيه عن الحب فيما سواه والبغض فيه فلا يكون لمخلوق من المخلوقين لا لنفسه ولا لغير نفسه على قلبه شركة مع الله تعالى ولهذا أمر إبراهيم الخليل بذبح ابنه فانه كان قد سأل الله أن يهبه إياه ولم يكن له ابن غيره.

فان الذبيح هو إسماعيل على اصح القولين للعلماء وقول أكثرهم كما دل عليه الكتاب والسنة فقال الخليل: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015