على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي" ومثل هذا كثير في كلام المشائخ والعارفين وأئمة الهدى وأفضل أولياء الله عندهم أكملهم متابعة للأنبياء ولهذا كان الصديق أفضل الأولياء بعد النبيين فما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر لكمال متابعته وهم كلهم متفقون على أنه لا طريق للعباد إلى الله إلا باتباع الواسطة الذي بينهم وبين الله وهو الرسول.
ولكن دخل في طريقهم أقوام ببدع وفسوق والحاد وهؤلاء مذمومون عند الله وعند رسوله وعند أوليا الله المتقين وهم صالحوا عباده مثل من يظن أن لبعض الأولياء طريقا إلى الله بدون اتباع الرسول أو يظن أن من الأولياء من يكون مثل النبي أو أفضل منه أو أنه يكون من هو خاتم الأولياء أفضل من السابقين الأولين أو اعلم بالله من خاتم الأنبياء وأمثال هذه المقالات التي تقولها من دخل فيهم من الملاحدة الضالين ومن هذا الوجه صار قوم متصوفون يتفلسفون.
وتكلم ابن سينا في إشاراته على مقامات العارفين وقال الرازي في شرحه: "هذا الباب اجل ما في الكتاب فانه رتب علم الصوفية ترتيبا ما سبقه إليه من قبله ولا يلحقه من بعده" وهذا الذي قاله الرازي قاله بحسب معرفته فانه لم يكن عارفا بطريق الصوفية العارفين المتبعين للكتاب والسنة ولعله قد رأى من صوفية وقته وفيه من الجهالات والضلالات ما رأى أن هذا الكلام أحسن ما يرتب عليه طريقهم وقد ذكر في مقامات العارفين أمر النبوة التي يثبتونها.
الفناء المذموم والفناء المحمود:
وآخر ما انتهى إليه العارفون في تسليكه هو الفناء عما سوى الحق الذي أثبته والبقاء