"شيخنا أبو حامد دخل في بطن الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر" وكان يذكر عنه أنه كان يقول: "أنا مزجى البضاعة في الحديث".

وهؤلاء المتفلسفة يقولون أن غاية ما عند النبي قياس من جنس القياس الفلسفي أو خيال من جنس الخيال الصوفي فان ما ذكروه للنبي يتصف به آحاد الناس فان اتصال النفوس بالنفس الفلكية وانعقاد الأقيسة العقلية في النفس هو قدر مشترك بين الناس إنما هو بحسب استعداد النفوس ثم هم أعنى ابن سينا وأمثاله يقولون أن النفوس الناطقة متماثلة بحسب الحقيقة وإنما اختلفت باعتبار أبدانها فهي كماء واحد وضعته في آنية مختلفة فاختلف لاختلاف الأوعية وأسباب صفات النفس عندهم أما المزاج وأما العادة وأما ما يتبع ذلك ويا ليت شعري كم مقدار ما يوجب التفاوت بين النفوس أن لم يكن التفاوت إلا بهذا السبب فيلزم من هذا أن تكون نفس أخس الناس مشاركة في الحقيقة لنفس إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وإنما امتازت عنها بأمور عارضة وأن تكون نفس كثير من الناس قريبة من نفوسهم أو أفضل وتكون مستعدة لأن يحصل لها ما حصل لنفوسهم.

ولهذا كانت النبوة عندهم مكتسبة وصار كثير منهم يطلب أن يؤتى مثل ما أوتي رسل الله وأن يؤتى صحفا منشرة كما طلب ذلك غير واحد في زماننا وكما طلبه السهروردي المقتول وابن سبعين وغيرهما وسبب ذلك أن هذه النبوة التي أثبتوها أمرها من جنس منامات الناس.

ولهذا كان عمدتهم في إثبات النبوة هو المنامات ولما أراد ابن سينا وأمثاله أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015