وشعيب وسائر الرسل وكذلك ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من المستقبلات فعلم بذلك أن ما علمه الرسول لم يكن بواسطة القياس المنطقي.

بل قد جعل ابن سينا علم الرب بمفعولاته من هذا الباب فانه يعلم نفسه والعلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول فجعل علمه يحصل بهذه الواسطة وهذا يصلح أن يكون دليلا على علمه بمخلوقاته لا أن يكون علمه بمخلوقاته يفتقر إلى حد أوسط مع أنه لم يعط هذا البرهان موجبه بل أنكر علمه بالجزئيات التي في الموجودات الأخرى فان لم يعلم الجزئيات لم يعلم شيئا من المخلوقات مع أن العقول والنفوس والأفلاك كلها جزئية ونفسه أيضا معينة ولهذا أراد بعضهم جبر هذا التناقض فقال إنما نفى علمه بالجزئيات في الأمور المتغيرة فيقال التغير من لوازم الفلك فلا يكون الفلك إلا متغيرا وصدور المعلول المتغير عن علة غير متغيرة ممتنع بالضرورة كما قد بسط في موضعه.

جعلهم معرفة النبي بالغيب مستفادة من النفس الفلكية وبيان فساده من عشرة وجوه:

فان قيل هم يذكرون لمعرفة النبي بالغيب سببا آخر وهو أنهم يقولون أن الحوادث التي في الأرض تعلمها النفس الفلكية ويسميها من أراد الجمع بين الفلسفة والشريعة باللوح المحفوظ كما يوجد في كلام أبى حامد ونحوه وهذا فاسد فان اللوح المحفوظ الذي وردت به الشريعة "كتب الله فيه مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم واللوح المحفوظ لا يطلع عليه غير الله والنفس الفلكية تحت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015