يوزن به بخلاف ما فعله الفلاسفة المنطقيون فانه لا يمكن أن يكون هاديا للحق ولا مفرقا بين الحق والباطل ولا هو ميزان يعرف بها الحق من الباطل وأما المتكلمون فما كان في كلامهم موافقا لما جاءت به الأنبياء فهو منه وما خالفه فهو من البدع الباطلة شرعا وعقلا.
فان قيل نحن نجعل البرهانيات إضافية فكل ما علمه الإنسان بمقدماته فهو برهاني عنده وان لم يكن برهانيا عند غيره قيل لم يفعلوا ذلك فان من سلك هذا السبيل لم يجد مواد البرهان في أشياء معينة مع إمكان علم كثير من الناس لأمور أخر بغير تلك المواد المعينة التي عينوها وإذا قالوا نحن لا نعين المواد فقد بطل أحد أجزاء المنطق وهو المطلوب.
الوجه الرابع عشر: فساد جعلهم علوم الأنبياء تحصل بواسطة القياس المنطقي
الوجه الرابع عشر: أنهم لما ظنوا أن طريقهم كلية محيطة بطرق العلم الحاصل لبني آدم مع أن الأمر ليس كذلك وقد علم الناس أما بالحس وأما بالعقل وأما بالأخبار الصادقة علوما كثيرة لا تعلم بطرقهم التي ذكروها ومن ذلك ما علمته الأنبياء صلوات الله عليهم من المعلوم فأرادوا إجراء ذلك على قانونهم الفاسد فقالوا النبي له قوة أقوى من قوة غيره في العلم والعمل وربما سموها قوة قدسية وهو أن يكون بحيث ينال الحد الأوسط من غير تعليم معلم له فإذا تصور طرفي القضية أدراك بتلك القوة القدسية الحد الأوسط الذي قد يتعسر أو يتعذر على غيره إدراكه بلا تعليم لأن قوى الأنفس في الإدراك غير محدودة فجعلوا ما تخبر به الأنبياء من أنباء الغيب إنما هو بواسطة القياس المنطقي وهذا في غاية الفساد.
فان القياس المنطقي إنما يعرف به أمور كلية كما تقدم وهم يسلمون ذلك والرسل أخبروا بأمور معينة شخصية جزئية ماضية وحاضرة ومستقبلة كما في القرآن من قصة نوح والخطاب والأحوال التي جرت بينه وبين قومه وكذلك هود وصالح