ومنهم من يقول بل البرهاني مؤلف من الواجبات والجدلي من الأكثريات والخطابي من المتساويات والشعري من الممتنعات وهذا ليس بشيء فان الشعري ما تشعر به النفس فيقصد به تنفيرها وترغيبها وترهيبها وقد يكون صدقا وقد يكون كذبا ولكن المقصود بالشعريات تحريك النفس لا لإفادتها علما.
وابن سينا رد هذا القول فقال: "ولا يلفت إلى ما يقال من أن البرهانيات واجبة والجدلية ممكنة أكثرية والخطابية ممكنة متساوية لا مثل فيها ولا قدرة والشعرية كاذبة ممتنعة فليس الاعتبار بذلك ولا أشار إليه صاحب المنطق لكنه مع رده لهذا ذكر القول الثاني فقال القياسات البرهانية مؤلفة من المقدمات الواجب قبولها والجدلية مؤلفة من المشهورات والتقريرية ما كانت واجبة أو ممكنة أو ممتنعة والخطابية مؤلفة من المظنونات والمقبولات التي ليست بمشهورة وما يشبهها كيف كانت ولو ممتنعة والشعرية مؤلفة من المقدمات المخيلة من حيث يشعر من يخيلها كانت صادقة أو كاذبة وأما السوفسطائية فهي التي تستعمل الشبهة ويشاركها في ذلك الممتحنة المجربة على سبيل التغليط فان كان التشبيه بالواجبات ونحو استعمالها سمي صاحبها سوفسطائيا وان كان بالمشهورات سمي صاحبها مشاغبا ومماريا والمشاغب بإزاء الجدلي والسوفسطائي بإزاء الحليم".
وهذا الذي ذكره في مواد الجدلي والخطابي ضعيف أيضا بل مواد الجدلي هي المسلمات التي يسلمها المجادل سواء كانت مشهورة أو لم تكن وسواء كانت حقا أو باطلا ومواد الخطابي هي المشهورات ونحوها التي يخاطب بها الجمهور وكل من ذلك يكون برهانيا وغير برهاني ويكون صادقا وكاذبا هذا مراد قدمائهم وهو أشبه باللفظ والتقسيم.
وأما كون الخطابيات هي الظنيات مطلقا فهذا خطا عند القوم فانه إذا كانت الجدليات قد تكون علمية فالخطابيات التي هي اشرف منها أولى أنها قد تكون علمية فان