علم العقل بأنه إذا ظلم أبغضه الناس وعادوه وغير علمه بأن الله يعاقبه.

فان قيل الإنسان يلتذ بما يراه قبيحا كما قد يلتذ بما يأخذه ظلما فيأكله ويشربه قيل وإن التذ بدنه فان قلبه وعقله لا يلتذ بذلك بل يلتذ إذا عدل وإن قدر أنه يلتذ به لذة حاضرة فانه يتألم بقبح عاقبته عنده وإذا لم يتألم فلغيبة عقله عن إدراك المؤلم كما قد يحصل للسكران وغيره من أمور تؤلمه ولا يتألم بها لغيبة عقله عن إدراكها.

وهذا مما قد ذكره ابن سينا نفسه فقال في نمط البهجة والسعادة.

"إنه قد يسبق إلى الأوهام العامية أن اللذات القوية المستعلية هي الحسية وأن ما عداها لذات ضعيفة وكلها خيالات غير حقيقة".

وقد يمكن أن ينبه من جملتهم من له تمييز ما فيقال له أليس ألذ ما يصفونه من هذا القبيل هو المنكوحات والمطعومات وأمور تجرى مجراها وانتم تعلمون أن المتمكن من غلبة ما ولو في أمر خسيس كالشطرنج والنرد قد يعرض له منكوح ومطعوم فيرفضه لما يعتاضه من لذة الغلبة الوهمية وقد يعرض منكوح ومطعوم لطالب العفة والرياسة مع صحة جسمه في صحبة حشمه فينفض اليد منهما مراعاة للحشمة فيكون مراعاة الحشمة آثر وألذ لا محالة هناك من المنكوح والمطعوم.

وإذا عرض للكرام من الناس الالتذاذ بإنعام يصيبون موضعه أثروه على الالتذاذ بمشتهى حيواني متنافس فيه وآثروا فيه غيرهم على أنفسهم مسرعين إلى الإنعام به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015