وغيره قد تقدم بطلان هذا الفرق ولكن نحن نسلم أن من القضايا ما يكون بديهيا أوليا لبعض الناس أو لكلهم ويكون مجرد تصور طرفى القضية موجبا للحكم لكن ليس علة ذلك كون المحمول لازما للموضوع بلا وسط في نفس الأمر كما ذكر ذلك الرازي ونحوه وإن كان هذا لم نجده في كلام ابن سينا وأمثاله بل الوسط عنده الدليل كما تقدم بل ولا ذاك أمرا لازما للقضية بل قد تكون بديهية لزيد ونظرية لعمرو بحسب المتصور لتمامه ونقضانه.
وهذا مما قد تنازع فيه بعضهم ويدعون أن كل ما كان أوليا لزيد فهو أولى لغيره كما يدل كلامهم على ذلك وأن الادميين يشتركون في العلم بكل ما هو أولى لكل شخص منهم لانها موجب العقل والعقل مشترك وهذا القول أن كنا نبطله ونقول القضية قد تكون ضرورية لزيد نظرية لعمرو كذلك غير ذلك من القضايا قد تكون المتواترة لهذا محسوسة لهذا والمجربة لهذا معلومة بالاستدلال لهذا ونحو ذلك.
وإذا كان كذلك فنحن ليس مقصودنا أن هذه القضايا المشهورة أولية أو ليست أولية ولا أنها أوليه لجميع الناس أو لبعضهم بل المقصود أنها من جملة القضايا الواجب قبولها التي يجب التصديق بها وتكون مادة للبرهان فإنهم جعلوا المعتقدات ثلاثة الواجب قبوها والمشهورات والوهميات والمقصود هنا أن المشهورات العامة مثل حسن العدل وقبح الظلم هي من الواجب قبولها وإن لم نقل هي أولية فان الواجب قبولها قد جعلوها اصناقا أوليات ومشاهدات ومجربات وحدسيات ومتواترات وقضايا قياساتها معها.
وهذه المشهورات إذا لم تكن أولية لم تكن بدون كثير من المجربات والحدسيات ونحو ذلك فتكون مادة للبرهان اليقيني كالمتواترات والمجربات فان المتواترات