في الوجود الخارجي فانه ليس في اللوازم ترتيب حتى يكون بعضها أولا وبعضها ثانيا ولا في الذهن فان الوسط إنما هو الدليل فيعود الفرق إلى أن الأوليات ما لا يفتقر إلى دليل والنظريات ما يفتقر إلى دليل وهذا كلام صحيح متفق عليه لا يحتاج إلى ما ذكروه ولكن هذا يوجب كون القضية أولية ونظرية هو من الأمور الإضافية فقد تكون بديهية لزيد نظرية لعمرو باعتبار تمام التصور فمتى تصور الشيء تصورا أتم من تصور غيره تصور من لوازمه ما لم يتصوره ذو التصور الناقص فلم يحتج في معرفته بتلك اللوازم إلى وسط واحتاج صاحب التصور الناقص إلى وسط وأيضا فهذا لا يوجب كون المشهورات ليست يقينية كما سنذكره أن شاء الله.
رد ابن سينا تفريقهم بين الصفات الذاتية واللازمة:
ولفظ ابن سينا في إشاراته قال:
"وأما اللازم غير المقوم يخص باسم اللازم فان كان المقوم أيضا لازما فهو الذي يصحب الماهية ولا يكون جزءا منها مثل كون المثلث مساوي الزوايا القائمتين".
قال: "وأمثال هذا أن كان لزومها بغير وسط كانت معلومة واجبة اللزوم وكانت ممتنعة الرفع من الوهم مع كونها غير مقومة وان كان لها وسط بين يبين به علمت واجبة به".
قال: "وأعني بالوسط ما يقرن بقولنا لأنه كذا وهذا الوسط أن كان مقوما للشيء لم يكن اللازم مقوما له لأن مقوم المقوم مقوم بل كان لازما له أيضا فان احتاج إلى وسط تسلسل إلى غير نهاية فلم يكن وسطا وان لم يحتج فهناك لازم بين اللزوم بلا وسط وان كان الوسط لازما متقدما واحتاج إلى توسط لازم آخر أو مقوم غير منته من ذلك إلى لازم بلا وسط تسلسل إلى غير النهاية فلا بد في كل حال من