حصول له فضلا عن أن يفتقر إلى علة لحصوله ولكن تصورها في الذهن يتوقف على المضافين وهذا مما قدمنا أنه حق وهو مبطل لما قاله.

الطريق الثالث عشر:

أنهم قد زعموا أن اللوازم مترتبة في نفسها بالذات مستلزمة للأول والثاني مستلزم للثالث والثالث للرابع وان ما كان لزومه بغير وسط كان بينا لا يحتاج إلى دليل وقد تناقض تفسيره لذلك لتناقض القول في نفسه فيقال له أي شيء قلته في لزوم الأول للملزوم الأول يقال في اللازم الثاني للأول سواء بسواء من كل وجه وحينئذ فأي شيء فسرت به العلم بلزوم الأول لا يفتقر إلى وسط يلزمك مثله في الثاني فيكون موجب برهانك أن من علم شيئا علم جميع لوازمه وهذا في غاية الفساد.

فصل: برهان آخر للرازي على هذا التفريق.

ثم ذكر برهانا آخر على ما ادعاه من أن ما كان لزومه بغير وسط كان بينا فقال: "برهان آخر وهو أنا إذا عقلنا ماهية فانه تبقى بعض لوازمها مجهولة ويمكننا تعرف تلك اللوازم المجهولة فلولا وجود لوازم بينه الثبوت للشيء وإلا لزم التسلسل وأما عدم تعرف تلك اللوازم وكلاهما باطلان".

قال: "وهذا البرهان كاف في إثبات اصل المقصود من أن الصفات اللازمة في نفسها يلزم بعضها بوسط في نفس الأمر وبعضها بغير وسط وإنما يدل هذا على أن الإنسان قد يتبين له لزوم بعض اللوازم بلا دليل وبعضها لا يتبين إلا بدليل.

وهذا لا ريب فيه لكن الدليل كل ما كان مستلزما للمدلول لا يختص بما يكون علة للمدلول ولا بعض اللوازم في نفس الأمر علة لبعض ولا كل ما كان بينا لزيد يجب أن يكون بينا لعمرو.

فتبين أن الفرق الذي ذكره بين الأوليات والمشهورات من أن الأولى هو الذي يكون حمله على موضوعه أولا في الوجودين حملا ثانيا غلط لا يستقيم إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015