أن العلم ينقسم إلى تصور وتصديق وان التصور هو التصور الساذج الذي لا يكون معه حكم بشيء أصلا لا بنفي ولا بإثبات ونحن وان كنا قلنا أن مثل هذا ليس بعلم وانه لا يسمى علما إلا ما تضمن العلم بنفي أو إثبات فلا يمتنع أن يتصور الشيء من بعض الوجوه وان لم يتصور أنه ملزوم للوازم له يلزمه بنفسها فقد ثبت أن قوله باطل باتفاق العقلاء
الطريق الخامس:
أن يقال لو كان ما ذكرته صحيحا للزم أن من عقل شيئا عقل لوازم الشيء جميعها فانه إذا عقل الملزوم وجب أن يعقل لازمه الذي بغير وسط ثم عقل ذلك اللازم يوجب عقل الآخر وهلم جرا فيلزم أن يكون قد عقل اللوازم جميعها وهذا كما أنه يبطل حجته فهو يبطل اصل قولهم أن اللازم بغير وسط لا يفتقر إلى دليل في حق احد.
فانه لو كان كذلك لكان من تصور شيئا تصور جميع لوازمه ويلزم أن من عرف الله عرف جميع ما يعلمه الله فيعلم كل شيء لأن علمه سبحانه من لوازم ذاته بل يلزم أن من علم شيئا من مخلوقاته علم كل شيء فان المخلوق مستلزم للخالق والخالق مستلزم لعلمه بكل شيء بل وهو مستلزم لمشيئته ومشيئته مستلزمة لجميع ما خلقه فانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فلو كان من علم الملزوم لا بد أن يعلم لازمه لزم أن من علم شيئا فقد علم كل شيء.
وفساد هذا بين مع أن فساد هذه الدعوى اظهر من أن يحتاج إلى دليل لكن إذا عرف شناعة لوازمها كان أدل على قبحها وفسادها وهذا يتضمن السؤال الذي ذكره وقال فيه بحث لا بد من ذكره كما تقدم حكاية لفظه والجواب الذي ذكره عنه باطل وقد تناقض فيه وذلك يتبين بذكر