يكون علما بل يكون شيئا اتفق بعض الناس على دعواه ونحن نعلم أن كثيرا من الناس يدعون صحة المنطق ولكن أي فائدة في هذا الثالث أن يقال ولو سلم لك هذا التقسيم فالبرهان خطأ كما سيأتي بيانه وخطأه دليل على فساد اصل التقسيم وإذا كان اصل التقسيم خطا كان البرهان باطلا وكان التقسيم باطلا وهو المطلوب.
الطريق الثالث:
أن يقال قولكم فإذا عقلنا الماهية وجب أن نعقل منها أنها لما هي هي تقتضى ذلك اللازم يقال هذا ممنوع وذلك أن قول القائل عقلنا الماهية وتصورنا الماهية ونحو ذلك من العبارات لفظ مجمل فانه قد يعني به التصور التام والعقل التام الذي يتضمن تصور الملزوم وقد نعني به أنا عقلناها وتصورنا نوعا من العقل والتصور وان لم يكن تاما ولا شك أن مثل هذا لا يستلزم تصور الملزوم فدعواك أن كل عقل للماهية يوجب أن نعقل منها أنها لما هي هي تقتضى ذلك اللازم ممنوع وهو خلاف الواقع فان الناس لا يزالون يعقلون بعض الماهيات نوعا من العقل فلا يعقلون أنها لما هي هي تقتضى اللازم وبالجملة فنحن في هذا المقام يكفينا المنع فان الدعوى ليست بديهية ولم يقم عليها دليلا إلا قوله وإلا لما عقلنا الماهية لما هي هي فان أراد بهذا اللازم المنفي العقل التام الذي هو التصور التام فنحن نسلم ذلك ونقول ليس كل من تصور ماهية ما وعقلها نوعا من العقل والتصور يكون قد عقلها وتصورها عقلا تاما وتصورا تاما وان أراد بهذا اللازم المنفي أنا لا يكون حصل لنا شيء من التصور والعقل فهذا ممنوع.
الطريق الرابع:
أن يقال ما ذكره يستلزم أن لا يعقل شيء من المفردات البسائط ولا يعقل شيء وحده بل كل من عقل شيئا فلا بد أن يعقل لازمه القريب فيكون قد عقل اثنين وتصور اثنين لم يعقل واحدا ولم يتصور واحدا وهذا مناقض لما زعموه من